Star
John Doe
Admin
My Profile
Settings
Billing
4
Log Out
Edit Book: الراعي البسيط
Title
*
Author
Illustrator
Description
Thumbnail
Leave empty to keep current thumbnail
Audio File
Leave empty to keep current audio
Pages
Page 1
Remove
Text
كانَ يا ما كان، في قديمِ الزمان، وفي بلادٍ بعيدة، كان هناكَ راعٍ بسيطٌ يُدعى "إيڤان"، يعيشُ في أطرافِ إحدى القُرى في مملكةٍ واسعةٍ يحكمُها ملكٌ شديدُ البأسِ والهيبة. كانَ إيڤان يرتدي ملابسَ باليةً من الصوفِ، ويتّكئُ على عصًا طويلة، ويقتادُ قطيعًا صغيرًا من الغنمِ في سهولٍ خضراءَ متموّجةٍ تمتدُّ حتى تفنى عنها الأبصار. ورغمَ فقرهِ، كان ذكيًّا، صافيَ الذهنِ، يُحبُّ التأمُّلَ ويكرهُ الظُّلم، ويُجيبُ الناسَ عن أسئلتِهم بفطنةٍ وبصيرةٍ تُدهشُ كلَّ من سمعه.
Image
Page 2
Remove
Text
في يومٍ من الأيام، بلغت أخبارُ إيڤان وحكمتُه مسامعَ الملك، فتعجّبَ وقال: "كيفَ لراعٍ بسيطٍ، يلبسُ الرثَّ من الثيابِ، ويرعى الغنمَ، أن يفوقَ فقهاءَ الدولةِ وحكماءَها؟!" فأمرَ الملكُ بإرسالِ جُندِه ليأتوا بالراعي إلى القصر.
Image
Page 3
Remove
Text
وفي صباحِ اليومِ التالي، وصلت عربةٌ ملكيّةٌ تجرُّها الجيادُ إلى مراعي السهل، ونادوا: "بأمرِ جلالةِ الملكِ، عليكَ أن تأتيَ معنا إلى القصر!" فلم يجزعْ إيڤان، ووضعَ عصاهُ على كتفِه، وقالَ بهدوء: "إذا كانَ الملكُ يطلبني، فلنذهب." وعندما وصلَ إلى القصرِ، دخل قاعةَ العرشِ العظيمة، وكانت مزيّنةً بالثريّاتِ المتدلّيةِ والسجادِ القِرمزي، ويجلسُ في أعلاها الملكُ متّكئًا على عرشٍ مُزخرفٍ بالذهبِ والجواهر. وكانَ الوزراءُ والأمراءُ والحكماءُ حولَه في صمتٍ وترقُّب.
Image
Page 4
Remove
Text
نظرَ الملكُ إلى إيڤان وقال: "إن كنتَ حقًّا حكيمًا كما يقولون، فأجبني عن ثلاثةِ أسئلة، وإلا فستعودُ إلى مرعاكَ خائبًا." فأجابهُ إيڤان بصوتٍ هادئ: "اسألْ ما شئتَ، يا جلالةَ الملك." قالَ الملك: "كمْ تساوي قيمتي؟" "كمْ عددُ النجومِ في السماءِ؟" "ما الفارقُ بين الحقيقةِ والكذب؟"
Image
Page 5
Remove
Text
فسكت الجميعُ، وتوقّفَ الزمانُ لحظةً واحدةً في انتظارِ الجواب. فتقدَّم إيڤان خطوةً وقال: "أمّا السؤالُ الأولُ، فإنّ قيمةَ الملكِ تُساوي ثلاثينَ دينارًا!" فصاحَ أحدُ الوزراءِ: "يا للوقاحة! كيفَ تقولُ ذلك؟!" فأجابَ إيڤان: "في السوقِ يُباعُ العبدُ بثلاثينَ دينارًا، وإن لم يكنِ الملكُ خادمًا لشعبهِ، فما قيمتُه؟!" فصمتَ الملكُ، ثم ابتسم.
Image
Page 6
Remove
Text
ثم قالَ إيڤان: "وأما عن عددِ النجومِ في السماءِ، فإنها كعددِ شعرِ غنمي!" فانفجرَ الضحكُ في القاعةِ، وقالَ الملك: "وكيفَ نتأكّدُ من ذلك؟!" فقالَ إيڤان: "عُدّوا أولًا شعرَ غنمي، فإذا انتهيتم، أعطيتُكمُ الجوابَ اليقيني!" فضحكَ الملكُ، وقال: "والسؤالُ الأخير؟"
Image
Page 7
Remove
Text
فأجابَ إيڤان: "أمّا الحقيقةُ، فهي أن ترى الشمسَ في وضحِ النهارِ، لا تُحجبُ ولا تُزيَّف. وأما الكذبُ، فهو كالظلِّ: يظهرُ طويلًا أو قصيرًا حسبَ زاويةِ الضوءِ، ولكنهُ لا يثبت!" فقامَ الملكُ من عرشِه، وصفّقَ بيدَيه، وقال: "واللهِ إنّك أحكمُ من كلِّ ما في قصري من كُتبٍ وكُهّانٍ ووزراء!"
Image
Page 8
Remove
Text
وأمرَ بمكافأةِ الراعي إيڤان، وعرضَ عليه أن يشغلَ منصبَ مستشارِ الملك، فرفضَ بتواضعٍ، وقال: "يا جلالةَ الملكِ، أنا سعيدٌ بين غنمي وفي سهولي، أرعى وأفكّرُ وأنصحُ من يسألني، فدعني أبقى حرًّا." فأذنَ له الملكُ، وودّعه باحترام، ومنذُ ذلكَ اليومِ أصبحَ إيڤان يُعرَفُ في كلِّ أرجاءِ المملكةِ بلقبِ: "الحكيم البسيط."
Image
Add Page
Update Book
Cancel