Star
John Doe
Admin
My Profile
Settings
Billing
4
Log Out
Edit Book: الكلب الوفيّ
Title
*
Author
Illustrator
Description
Thumbnail
Leave empty to keep current thumbnail
Audio File
Leave empty to keep current audio
Pages
Page 1
Remove
Text
كانَ يا ما كان، في سالفِ العصرِ والأوان، في أطرافِ إحدى المدنِ البلجيكية القديمة، بيتٌ صغيرٌ يطلُّ على نهرٍ هادئٍ، تسكنُه عجوزٌ فقيرةٌ تُدعى مارتا. عاشت مارتا وحيدةً منذ سنواتٍ طويلة، بعدما رحلَ زوجُها إلى جوارِ ربِّه، ولم تُرزق بأبناءٍ. لم يكن لها في الدنيا إلا كلبٌ ضخمٌ من سلالةٍ ريفيةٍ، أسمته برونو، وكانَ رفيقَها الأمينَ، وحارسها في الليلِ والنهار.
Image
Page 2
Remove
Text
كان برونو ذا فراءٍ بنيٍّ داكن، وعينين لامعتين فيهما ذكاءٌ وحياة، وصوتُه حين ينبحُ كان كالرعدِ في هدوءِ الليل. كانت مارتا تحبّه حبًّا شديدًا، وتحادثه كما لو كان بشرًا يفهم كلَّ ما تقول، وكان هو يبادلها وفاءً بوفاء، لا يتركها أينما ذهبت، ويحرسها إذا خرجت لتبيعَ ما تخبزه من أرغفةٍ في السوق.
Image
Page 3
Remove
Text
وفي أحدِ أيام الشتاءِ الباردة، حين تراكمَ الثلجُ على أسطح البيوتِ والشوارعِ، اضطرت مارتا إلى الخروج باكرًا لتبيعَ خبزَها، تاركةً برونو في البيتِ يحرسُه. وفي طريقِ عودتِها، وهي تعبرُ الجسرَ الخشبيَّ فوقَ النهر، زلّت قدمُها وسقطت في المياهِ الباردة، فجرفها التيارُ بعيدًا.
Image
Page 4
Remove
Text
عاد برونو بعد قليلٍ إلى بابِ البيتِ، ينتظرُ سيدتَه، لكنه لم يجدها. شعرَ أن شيئًا غيرَ طبيعيّ قد حدث، فانطلق يركضُ في الشوارع، يشمُّ آثارَها على الثلج، حتى وصل إلى الجسر. هناك، توقّف فجأة، وأخذ يشمُّ الخشبَ المبتلّ، ثم قفز إلى النهر، يسبحُ وسطَ الماءِ المتجمّد، حتى عثرَ على مارتا وقد تعلّقت بفرعِ شجرةٍ عند الضفةِ الأخرى، تكادُ أن تفقدَ وعيَها من شدّة البرد.
Image
Page 5
Remove
Text
أمسكَ بثوبِها بأسنانِه، وجاهدَ في السباحةِ ضدّ التيارِ، حتى أوصلها إلى الضفّةِ. ثم أخذ ينبحُ بصوتٍ عالٍ، حتى سمعهُ أحدُ المزارعين المارّين، فأسرعَ مع آخرين، وحملوا مارتا إلى كوخٍ قريبٍ، وأشعلوا النارَ لتدفئتها، ولفّوها بالأغطيةِ، حتى استعادت وعيَها.
Image
Page 6
Remove
Text
نظرت مارتا إلى برونو، وعيناها تلمعان بالدموع، وهمست بصوتٍ مرتجف: ـ أنقذتَ حياتي يا برونو… يا أعزَّ من بقي لي في الدنيا.
Image
Page 7
Remove
Text
ومنذ ذلك اليوم، صار برونو بطلاً معروفًا في القرية، يروي الناسُ قصّتَه في السوقِ وفي المقاهي، ويصفون وفاءَه وشجاعتَه. وكثيرًا ما كان الأطفالُ يركضون نحوه ليداعبوه، وهو يهزُّ ذيلَه بفخرٍ وكأنه يفهم أنه موضعُ إعجابِ الجميع. ومع مرور السنين، ضعفت قوّة برونو، وشابَ فراؤه، لكنه ظلَّ وفيًّا لمارتا حتى آخرِ يومٍ في حياتِه. وفي صباحٍ حزين، وجدته مارتا مستلقيًا أمام بابِ البيت، كما اعتاد أن يحرسَها، لكنه كان قد أغمضَ عينيه إلى الأبد. جلست بجانبه تبكي، وقالت وهي تمسحُ رأسَه: ـ حتى وأنتَ ترحل، تركتَني وأنا في أمان…
Image
Page 8
Remove
Text
دفنت مارتا برونو قرب شجرةٍ كبيرةٍ عند ضفةِ النهر، حيث أنقذَها يومًا، وصارت تزوره كلَّ صباحٍ، تحدّثه وتضعُ الزهورَ على قبرِه. وظلَّت قصّة "الكلب الوفي" تتردّد بين الناس، عبر الأجيال، عِبرةً في معنى الإخلاصِ الذي لا يتغيّر، حتى ولو كان من قلبِ حيوانٍ لا يتكلّم، لكنّه يَفهم لغةَ الحبّ أفضلَ من كثيرٍ من البشر.
Image
Add Page
Update Book
Cancel