Star
John Doe
Admin
My Profile
Settings
Billing
4
Log Out
Edit Book: بائع التفاحِ
Title
*
Author
Illustrator
Description
Thumbnail
Leave empty to keep current thumbnail
Audio File
Leave empty to keep current audio
Pages
Page 1
Remove
Text
كانَ يا ما كانَ، في قديمِ الزمانِ، في إحدى القرى الصينيَّةِ الصغيرةِ، عاشَ رجلٌ بسيطٌ يُدعَى "لي شانغ". كان لي شانغ يعملُ بائعًا للتُّفَّاحِ، وكان يملكُ عربةً خشبيَّةً يَجُرُّها بيديهِ، يُنادي من خلالها على بضاعتهِ في أزقَّةِ المدينةِ وأحيائِها. لم يكن لي شانغ غنيًّا، بل كان فقيرًا جدًّا، يَكدُّ ويتعبُ طوالَ اليومِ ليبيعَ ما لديه من تُفَّاحٍ، فيجني بالكادِ ما يكفيه ليشتري به طعامًا متواضعًا ويسدَّ رمقَ يومه.
Image
Page 2
Remove
Text
كان الناسُ يُحبُّونه لطيبتهِ وتواضعهِ، ويقولون إنَّ تفَّاحهُ أطيبُ من سواه، لا لأنَّه أغلى أو أجمل، بل لأنَّ قلبَ بائعِه أنقى من الماءِ الصافي. وكان لي شانغ لا يغشُّ، ولا يرفعُ الأسعار، بل يُفضِّل أن يخسرَ بعضَ المال على أن يخدعَ زبونًا واحدًا. وذاتَ صباحٍ، بينما كان يرصُّ التُّفَّاحَ بعنايةٍ على عربتهِ، اقتربَ منهُ شيخٌ عجوزٌ، يلبسُ ثيابًا رثَّةً، ووجههُ شاحبٌ كأنَّما أنهكهُ السفرُ والزمان. نظرَ الشيخُ إلى التُّفَّاحِ بعينين جائعتين، ثمَّ همسَ بصوتٍ خافتٍ: "أيُّهَا البائعُ الطيِّب، أيمكنُني أن أتناولَ واحدةً من هذا التُّفَّاحِ؟ فأنا لم أذقْ طعامًا منذُ يومين."
Image
Page 3
Remove
Text
توقَّف لي شانغ عن ترتيبِ التُّفَّاح، ونظر إلى الرجلِ بحنوٍّ، ثم قالَ دونَ تردُّدٍ: "كُلْ ما تشاءُ يا عمِّي، فالرِّزقُ بيدِ اللهِ، وليسَ من عادتِنا أن نجعلَ الجائعَ ينتظرُ." ناولَهُ تُفَّاحةً كبيرةً، ثمَّ أضاف إليها أُخرى، وقال: "خُذْ هذه أيضًا، فالبردُ يُضعفُ الجسدَ، والتفَّاحُ فيهِ دفءٌ وقوة."
Image
Page 4
Remove
Text
دمعتْ عينا الشيخِ، وهمسَ بشكرٍ صادقٍ: "جزاكَ اللهُ خيرًا يا بني. لقد أحييتَ قلبي قبلَ أن تُشبِعَ بطني." ثمَّ أدارَ ظهرَهُ ومضى في طريقهِ، دون أن يطلبَ شيئًا آخر. مرَّتْ أيَّامٌ، واستمرَّ لي شانغ في بيعِ التُّفَّاحِ كعادتهِ، ولم يخطرْ ببالهِ أنَّ فعلهُ البسيطَ سيُغيِّرُ مجرى حياتِه.
Image
Page 5
Remove
Text
وفي إحدى الليالي الماطرة، بينما كان يجلسُ في كوخهِ الخشبيِّ المتواضعِ، سمع طرقًا خفيفًا على الباب. فتحهُ، فإذا برجلٍ يرتدي ثيابًا فاخرةً، وعلى وجههِ ابتسامةٌ غامضةٌ. قال الغريبُ: "هل أنتَ لي شانغ؟ بائعُ التُّفَّاح؟" أجابهُ متعجِّبًا: "نعم، من تكون؟" قال الرجلُ: "لقد أرسلني سيدي إليك، ويُريدُ أن يراكَ صباحَ الغدِ في قصرهِ. لا تخشَ شيئًا، فهو لم يدعُك إلَّا لخيرٍ."
Image
Page 6
Remove
Text
في اليومِ التالي، ذهبَ لي شانغ إلى القصرِ بترددٍ. وما إن دخلَ، حتَّى فوجئ بأنَّ صاحبَ القصرِ لم يكن سوى ذلك الشيخِ العجوزِ الذي أعطاه التفَّاحَ. لقد كان حاكمًا حكيمًا، يُحبُّ أن يختبرَ قلوبَ الناسِ، فيتجوَّل بينهمَ متنكِّرًا. وقفَ الشيخُ أمامهُ مبتسمًا، وقال: "يا لي شانغ، لقد أظهرتَ كرمًا في وقتِ الحاجةِ، وعرفتَ كيفَ تُطعِمُ بلا خوفٍ، وتُعطي بلا انتظارٍ. وقد قرَّرتُ أن أكافئك على نقاءِ قلبك."
Image
Page 7
Remove
Text
ثمَّ أمرَ لهُ بمنزلٍ جميلٍ، ودكَّانٍ كبيرٍ لبيعِ الفواكهِ، وأعطاهُ من المالِ ما يكفيهُ ويزيدُ. لكنَّ لي شانغ ظلَّ كما هو، متواضعًا، كريمًا، لا يُغيِّرهُ مالٌ ولا جاه. بل أصبحَ يُطعمُ الفقراءَ يوميًّا من فاكهتِه، ويُعلِّمُ أولادَ الحيِّ كيفَ يكونُ الإنسانُ كريمًا في العطاءِ، صادقًا في البيعِ، وطيبًا في التعاملِ.
Image
Page 8
Remove
Text
وهكذا، عاشَ لي شانغ في سعادةٍ ورضا، محاطًا بحبِّ الناسِ وبركةِ السماءِ، وأصبح اسمه يُضربُ به المثلُ في الكرمِ والتواضعِ.
Image
Add Page
Update Book
Cancel