Star
John Doe
Admin
My Profile
Settings
Billing
4
Log Out
Edit Book: الغراب والثعلب
Title
*
Author
Illustrator
Description
Thumbnail
Leave empty to keep current thumbnail
Audio File
Leave empty to keep current audio
Pages
Page 1
Remove
Text
كانَ يا ما كان، في قديمِ الزّمان، غابةٌ كثيفةُ الأشجار، تتخلّلها أشعّةُ الشّمسِ الذّهبيّة، فتنسابُ خيوطُ النّور بين الأغصانِ كأنّها خيوطُ حرير. وفي أعلى شجرةٍ ضخمةٍ، جلسَ غرابٌ أسودُ الرّيش، يلمعُ جناحُهُ كقطعِ اللّيلِ الدّامس، وقد قبضَ بمنقاره قطعةَ جبنٍ صفراءَ تفوحُ منها رائحةٌ زكيّة، تُثيرُ الجوعَ في قلبِ كلّ من يشمُّها.
Image
Page 2
Remove
Text
وقفَ الغرابُ مزهوًّا بنفسه، يُقلّبُ قطعةَ الجبنِ، ويُفكّرُ كيف سيستمتعُ بمذاقها. أمّا أسفلَ الشجرة، فقد مرّ ثعلبٌ ماكر، يمشي بخطواتٍ هادئةٍ على العشب، وذيلُهُ الطويلُ يتمايلُ خلفه. وما إن لمحَ الغرابَ ومعه الجبن، حتّى سالَ لعابُه، واشتعلَ في رأسه فكرُ الحيلة: "إنّني لن أتسلّق الشجرة، ولن أقاتل هذا الطّائر، بل سأُخرجهُ من فمِه بكلمةٍ واحدة."
Image
Page 3
Remove
Text
اقتربَ الثعلبُ من جذعِ الشجرة، ورفعَ رأسهُ بابتسامةٍ واسعة، وصوتٍ مُتودّدٍ مُتملّق: ــ "مرحبًا أيُّها الغرابُ الأنيق! ما أجملَ هذا السّوادَ اللامعَ في ريشكَ! إنّه كالحرير في اللّيلِ المُقمِر. وما أبهى قامتكَ وأنتَ تعلو فوقَ الأغصانِ شامخًا!" أحسَّ الغرابُ بالفخر، وانتفشَ صدرهُ، ورفعَ جناحيه ليُظهرَ بريقَهما أكثر. قال في نفسه: "إنّه يُعجبُ بجمالي، وأنا بالفعل أستحقُّ هذا المديح."
Image
Page 4
Remove
Text
لكن الثعلبَ لم يكتفِ، بل تابعَ كلامهُ بخبثٍ أشدّ: ــ "أيُّها الغرابُ العظيم، إنّ جمالَ الطّير لا يكتملُ إلّا بصوتٍ عذبٍ. فلو غنّيتَ لنا بصوتكَ الرّائع، لقلتُ إنّكَ سيّدُ الطيورِ بلا منازع!" تأثّر الغرابُ بكلماتِ الثعلب، ولم يقاومِ الرّغبةَ في إظهارِ صوته. فتحَ منقارَهُ وأطلقَ صرخةً عاليةً خشنةً، لا تُشبهُ الغناء، وإذا بقطعةِ الجبنِ تهوي من فمهِ إلى أسفل، حيث كان الثعلبُ ينتظرُها بلهفة.
Image
Page 5
Remove
Text
انقضَّ الثعلبُ على الجبنِ بسرعةٍ خاطفة، والتقطها قبل أن تلمسَ الأرض. ثمّ ضحكَ ضحكةً ماكرةً ارتجّت لها الغابة، وقال وهو يبتعدُ سعيدًا: ــ "شكرًا أيُّها الغراب! لقد أخذتُ الجبن، وأعطيتُكَ درسًا: الغرورُ يُفقدُ صاحبهُ ما يملك، أمّا العقلُ والحيلةُ فيجلبان ما يشتهي."
Image
Page 6
Remove
Text
جلسَ الغرابُ حزينًا على غصنه، يضربُ بمنقارهِ الخشبةَ غيظًا، ويقول بأسفٍ عميق: ــ "ليتني لم أنخدع بالكلامِ المعسول، لقد أضعتُ طعامي من أجل غروري."
Image
Page 7
Remove
Text
ومنذ ذلك اليوم، ظلّت الغابةُ تروي حكايةَ الغرابِ والثعلب، عبرةً لكلّ من يَغترُّ بالمديح: أنّ الكلامَ الحلو قد يُخفي وراءه خديعة، وأنّ الحكمةَ أثمنُ من الغرور.
Image
Add Page
Update Book
Cancel